خواطر باحثة علمية

الواسطة السحرية

وبدأت مشقة من نوع آخر وهي التدرب على تسويق النفس بطريقة علمية مدروسة ، باستخدام كلمات مدروسة نكسب فيها الطرف الآخر ونفوز بالمكان.

ربما ضحك بعضكم عندما قرأ هذه الكلمات ولكنها فعلاً فن التسويق، تمامًا كأي بائع يتفنن في إظهار أجمل ما عنده من بضاعة لترغيب الزبون بالشراء ومن ثم كسبه كزبون دائم.

عندما جددت السيرة الذاتية من خلال تعليمات أرسلتها لي زميلتي على شكل ملف، كانت قد تعلمتها من خلال ورشة عمل خصصت لذلك.

من خلال التعليمات عرفت مدى ضعف السيرة الذاتية وقلة تأثيرها على المستقبل، فهناك مفاتيح معينة تجذب القارىء وتجعله مهتمًا بقراءة السيرة من أولها لأخر سطر فيها وقد تدفعه إلى تدوين ملاحظات مهمة أو يجيب على الرسالة الإلكترونية مباشرةً طالبًا من صاحبها مقابلة.

وعندما حصلت لي فرصة وضعت فيها في موقف مسؤولية ومتابعة السير الذاتية لطلاب ماجستير يبحثون عن مقاعد للتدريب العملي أو لرسالة الماجستير أدركت أيضًا حجم المسؤولية في الأختيار وكذلك الفرق بين سيرة ذاتية تأسرك بحرفيتها وأخرى تقلب صفحاتها سريعًا بملل وأخرى تصيبك بمغص معوي من ركاكة اللغة ورداءة تقديمها.

من أهم أساسيات السيرة الذاتية هي التسلسل والتصنيف، وعرض المعلومات التي تدل على المؤهلات بصورة واضحة، ودقة المعلومات أهم بكثير من رتبة الشهادة، فعندما تكتب إنك حاصل على ماجستير في العلوم في سنة كذا ليس كأن تكتب حاصل على رسالة ماجستير في العلوم ، وعنوان الرسالة وإسم القسم والمعهد.

وكذلك الخبرات العملية في أي تخصص مهمة جدًا ويجب إدراجها تحت المؤهلات، مثلًا لطالب الأحياء الجزيئية يجب أن يكون لديه قائمة بأهم الخبرات الأساسية في هذا المجال، على سبيل المثال: استخلاص الحمض النووي والبروتينات والاستنساخ والزراعة البكتيرية والخلايا الحيوانية … إلخ.

إن عدم كتابة مثل هذه المعلومات قد تجعل من الشخص المستقبل لهذا الطلب غير متأكد من كفاءة هذا الطالب وبالتالي لن يضيع وقته في مقابلة شخصية.

أيضًا التسلسل التاريخي مهم جدًا في السيرة الذاتية من الدراسة المدرسية حتي أخر شهادة وصلت إليها وهي تدل على نشاط وتحصيل صاحب السيرة ، ويحبذ أن لا توجد فترات إنقطاع ، فلابد أن يكون لهذا الانقطاع سبب لا بد من ذكره، كإجازة الأمومة، أو التفرغ لتعلم اللغة أو خدمة اجتماعية.

كما أن ذكر الخدمات الاجتماعية والأعمال التطوعية تزيد من قيمة السيرة الذاتية لما تعكس من شخصية المقدم بأنه إنسان معطاء ومقدر لقيمة العمل الجماعي وهذا سينعكس إيجابًا على عمله في المعهد أو المختبر أو حتي في أي وظيفة.

 ولا يجب أن تكون سيرتك الذاتية ثابتة لكل مناسبة ترسل فيهل نفس النسخة، لإنها قد تكون مناسبة لمكان وغير مناسبة لمكان آخر، وبالتالي اهتمامك بإظهار نقاط القوة ومهاراتك يجب أن يتناسب مع أهمية الوظيفة أو مقعد علمي ما.

مثال بسيط .. سيرة ذاتية أظهرت فيها مهاراتك العملية في استخدام برامج الكمبيوتر لن تهم كثيرًا في وظيفة ترتكز على فن استخدام لغة المحادثة.

وأخيرًا لا بد من كتابة السيرة الذاتية بلغة جميلة خالية من الأخطاء اللغوية والإملائية ما أمكن، لإن مثل هذه الأخطاء تعني استهتار الشخص في عمله على مستوى سيرته الذاتية فكيف سيكون حاله في مكان العمل وبين زملائه؟

أن الإعجاب بالسيرة الذاتية هي الجسر الذي تقطع به نصف الطريق إلى المكان المرجو .. وفي مثل حالتي التدريب في مختبرات أخترتها حتي أصل إلي الطريق الذي أبدأ فيه بحث رسالة الماجستير ومدته ستة شهور.

بعد التعديلات الشاسعة التي طرأت على سيرتي الذاتية والعمل عليها مدة ثلاثة أيام من التحسين والتنسيق وإظهارها بمظهر يليق بعالمة في بداية طريقها العلمي، أرسلتها وفعلًا حصلت على طلب للمقابلة في ثلاثة أماكن.

وهنا وكما قرأت من ملاحظات زميلتي في فن كتابة السيرة الذاتية وجدت موضوعًا آخر وهو فن تسويق نفسك لوظيفة ما وهنا يجب أن أتدرب على هذه المهارة قبل المقابلات الشخصية ..!

هل تريدون أن تعرفوا المزيد عن فن التسويق لشخصكم أو وساطتكم السحرية لإثبات جدارتكم  .. تابعوا الخاطرة المقبلة على زدني.

علياء كيوان

طالبة دكتوراة في الأحياء الجزيئية وناشطة اجتماعية. مقيمة في ألمانيا، أم لثلاث أطفال، أعمل في بحوث السرطان، هوايتي الكتابة والقراءة، همي هو النهوض بالمرأة العربية في المجتمعات الأوروبية ويكون لها بصمة ومكانة، أسست مجلة المرأة العربية في ألمانيا وهي أول مجلة إلكترونية ناطقة باللغة العربية في ألمانيا تهتم بشؤون المرأة والأسرة العربية بشكل عام.
زر الذهاب إلى الأعلى