STEM و STEAM و STREAM.. ثلاث مصطلحات يمكن أن تغير مجرى التعليم!
تعود البداية إلى عام 1957م عندما تم إطلاق القمر الصناعي الروسي الأول “سبوتنيك Sputnik”
وقتها عرف العالم والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص أن العصر القادم هو عصر العلوم والتكنولوجيا والرياضيات، وأن العلوم النظرية الأخرى رغم أهميتها ستتنحى جانبًا لبعض الوقت.
وفي عام 1958 أصبحنا في عصر الفضاء فعليًّا حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء الوكالة الدولية للملاحة الفضائية “ناسا NASA”.
وبعدها في عام 1969 هبط أول بشري على سطح القمر، تلك الخطوات التي غيرت العالم أجمع وعلومه.
وقتها كان لا بد من التركيز القوي على العلوم والتكنولوجيا والرياضيات فقد لحق هذا الإنجاز منذ 1970 إلى 1990 إنجازات أخرى كثيرة واختراعات علمية غيرت وجه التاريخ في مجالات الاتصالات (أول هاتف خلوي) والمجالات الطبية (قلب صناعي) وأيضًا أول حاسوب ماركة أبل.
كان واضحًا أن عجلة العلم تدور بأقصى طاقتها، ولا سبيل لإيقافها ولا لإبطائها مرة أخرى.
ببداية التسعينيات كان على القائمين على العملية التعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية أن يتساءلوا هل مناهج التعليم القديمة تتناسب مع متطلبات عصر العلوم الذي نحياه؟ أم هل أصبحت قديمة وعديمة الجدوى؟
بمساعدة من “المجلس الوطني لتعليم العلوم National Science Education Standards” و “رابطة معلمي الرياضيات National Council of Teachers of Mathematics”، تم عمل إحصاء لعدد من الطلاب في مختلف الصفوف الدراسية، ووجدوا أن المناهج الدراسية تحتوي على كثير من المناهج النظرية دون اهتمام فعلي بالمناهج العلمية والتجريبية، وأن الطالب لا يتستفيد استفادة حقيقية مما يتعلمه داخل الصف.
ومن هنا نشأ نظام دمج العلوم الأربعة التي تتحدث لغة العصر (العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات) داخل منهج تعليمي واحد، يحسِّن من كفاءة العملية التعليمية، ويزيد من تفاعل الطالب مع المواد التي يدرسها، وأطلقوا على هذا المنهج التعليمي اسم STEM اختصارًا لأوائل الحروف التي تشملها تلك العلوم الأربعة، وكان ذلك في عام 2001.
ومنذ هذا الوقت انتشر هذا المنهج التعليمي في جميع بلدان العالم، وكانت خطوة ضرورية لتطور العلمية التعليمية ككل.
يعتمد المنهج في كليته على تحري الاستنتاجات وتطبيق الأنشطة العلمية والبحث المعملي والتجريب. كما يعتمد على تعليم أساسيات الرياضيات وبرمجة الحاسوب.
وكان الغرض الأساسي من هذا المنهج هو إلغاء الأساليب القديمة في الحفظ لمجرد النجاح في الاختبارات، والسعي إلى تنمية ذكاء الطالب وقدراته الإبداعية من خلال جعل المنهج الدراسي أقرب لاكتشافات ومشكلات واقعية وعلمية والسعي إلى حلها.
كما أنه يسعى إلى إلغاء الفجوة بين المعلم والطالب؛ ليصبح المعلم توجيهيًّا وإرشاديًّا في العملية التعليمية.
إلى هنا كانت الأمور تسير على ما يرام؛ حتى اتضح أن هناك بعض العيوب لهذا النظام، من أهمها:
أن الطالب قد يمَل من تلك العلوم البحتة التطبيقية مع مرور الوقت؛ مما يؤثر سلبًا على صحته النفسية. كما أن الطلاب يختلفون فيما بينهم من ناحية الميول العلمية؛ فبعضهم لا يجد سهولة في التعامل مع العلوم. ومن هنا جاءت فكرة دمج محور خامس مع المحاور الأربعة وهو الفن (ART).
عندما يصنع الطلاب عقدًا من البذور.. هذا فن وعلم أيضًا.
جاء منهج STEAM ليتم التكامل التام بين عناصر العملية التعليمية؛ فالفن كالرسم والموسيقا والأعمال اليديوية وغيرها إضافة إلى العلوم السابقة ينمي روح الإبداع لدى الطلاب، ويغذي المنهج بروح متجددة بعيدًا عن جمود المواد العلمية التقليدي.
يهدف نظام STEAM التعليمي إلى:
– تطوير مهارات الطلاب الإبداعية.
– تنمية المهارات الفنية والعلمية.
– زيادة وعي الطلاب بالحياة الواقعية.
– تنمية الفضول والتساؤل لديهم.
– من خلال التشارك في النشاطات تزيد ثقة الأفراد بعضهم ببعض، وتنمى لديهم روح العمل الجماعي، ويزيد شعورهم بالمسؤولية.
لا يتطلب نظام STEAM معدات باهظة ولا أدوات تعليمية معينة ولا بيئات دراسية مكلفة، فيمكن بأقل التكاليف توصيل المنهج المراد والفكرة ببساطة. الأمر يعتمد على الخيال والإبداع والتجاوب بين المعلم وطلابه.
دروس STEAM أساسها المعلمون، الذين يساهمون في إنشائها وتحديثها بانتظام. وهذا يعني أنه في الوقت الذي يعمل فيه متخصصو التوعية حول العالم على مواكبة الأشياء التي تتغير بسرعة في عالمنا، تقوم STEAM بإنشاء شبكة لتوحيدهم لإنشاء خطط الدروس المشتركة من قبل كل شخص في الشبكة. وبهذه الطريقة إذا حدث شيء ما، مثل أنه لم يعد الكوكب يسمى كوكبًا؛ فليس هناك انتظار لقيام الكتاب المدرسي التالي بإجراء هذا التغيير. هناك أشخاص يقومون بتحديث المناهج على الفور في كل مستوى الصف الدراسي. عندما يكون هناك اختراع كبير أو عاصفة كبيرة أو حدث سياسي، كل ذلك لديه فرصة ليتم دمجه في المنهج بسرعة.
دروس STEAM تعتمد على المعلم حيث يمكن للمعلمين اختيار مجموعة متنوعة من الدروس والاختيار من بينها للعثور على تلك الدروس التي يمكنهم التكيف معها بسهولة أكبر مع طلابهم، وتخصيصها لمطابقة الأحداث العالمية الحالية.
يجب أن يحصل جميع الطلاب على فرصة للتعلم بالطرق التي تتماشى مع تطور دماغهم وما يهمهم.
في وطننا العربي وفي ظل أنظمة التعليم التقليدية هناك بعض الأكاديميات والمدارس التي تتبني منهجي STEAM وstem
ففي مصر هناك مدارس فقط للمرحلة الثانوية تدعم منهج STEM وتدعى مدارس زويل أو مدارس المتفوقين. غير أنها رغم تميزها يقابل طلابها بعد تخرجهم كثيرًا من العقبات.
كما أن التعليم التقليدي المعتمد حاليًّا في أغلب بلداننا العربية لديه عدة عيوب، منها:
– التركيز على النظريات والبعد عن العلوم والحياة الواقعية.
– عدم التركيز على ميول الطلبة وإهتمامتهم.
– البعد عن الإبداع والخيال.
ولكن في الإمارات العربية تم تبني مبادرة لتطوير التعليم التكاملي بالمدارس وهي التطوير الأخير لمنهجي STEM و STEAM، وتدعي تلك المبادرة “STREAM”.
ما المقصود بـ STREAM؟
بالإضافة إلى الفن بوصفه أساسًا لتكملة العملية الإبداعية كان لا بد من إضافة القراءة والكتابة بصفتهما أساسَيْن أيضًا؛ ليكون المنهج متكاملًا وثريًّا، وينمي التفكير النقدي لدى الطلاب؛ فالقراءة تضيف منهج أكثر قوة.
يقول “آدم كول Adam Cole” أحد معلمي الموسيقا في الولايات المتحدة الأمريكية:
“أعتقد أن قلة قليلة من الناس يفهمون حقًّا لماذا يجب إدراج الفنون في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، الموسيقيون (وغيرهم من الفنانين) يتعلمون التفكير بوصفهم علماء لكن بطريقة مبهجة من الناحية الجمالية التي تبني المجتمع. يمكن النظر إلى جميع صلاحيات الفنون التي يروجها الجميع على أنها تسهم في قدرة المرء على التفكير والتفكير على أعلى مستوى في بيئة ممتعة ومفيدة للحياة.”
ليس الجميع مقتنعين بأن إضافة A أو R إلى STEM أمر مفيد. بالعكس يرونها بعد عن هدف المنهج الأول الأساس وتشتيت للطلاب.
ولكنها رغم كل شيء مناهج تعليمية أثبتت جدارتها وقدرتها على التحليق بعقول الطلاب إلى آفاق عالية من الإبداع والإبتكار.
المصادر: