صوت الطلبة

أخذنا إجازة

أتذكر تلك الأغنية القديمة للفنانة سعاد حسني التي كانت تؤديها مع ثلاثي أضواء المسرح بعنوان ( خدنا أجازة )، تسأل فيها كل فرد منهم كيف يقضي إجازته فيشرح ثلاثتهم خطته، والتي دائما تحمل عنصر سلبي توضحه هي لتشعر بالإحباط منهم، ثم تحكي لأصدقائها كيف يمكن قضاء الأجازة بأفضل طريقة.

قبل إنتهاء العام الدراسي كان الطلاب ما يبدون رغبتهم الواضحة دائما في الحصول على الإجازة، كلنا هذا الرجل والتاريخ يعيد نفسه، ولإنني عشت نفس الموقف كنت أعلم ندمهم الشديد على هذه الأمنية بعد وقت قصير من أيام الإجازة، وقد حدث، بعد عدة أيام أصبحت تتوالي الكتابات على صفحاتهم الخاصة على موقع فيس بوك عن مللهم الشديد من الدراسة، ومطالبتي بإيجاد حل لهذه المشكلة، والحل الوحيد في نظرهم هو إلحاحي في قيام رحلة تابعة للمدرسة وعدهم بها المدير أثناء الدارسة.

المشكلة الحقيقية كانت تكمن في علمي بإن المدير لن ينفذ وعده بسبب إنشغاله بأعمال أخرى وخوفه المستمر من الوضع الأمني في مصر وحرصه على أمن الطلبة، بالِإضافة لإن الرحلة يوما واحد فقط، وهذه السنة نحن نشهد أطول فترة إجازة صيفية تمتد لحوالي 5 أشهر كاملين، كيف سيتم قضاء باقي الأيام؟ سألتهم عن ما يفعلوه في يومهم أثناء الإجازة، كانت الإجابات شبيهه ببعضها كثيرا، نوم طوال النهار وإستيقاظ طوال الليل وقضاء الليل في التحدث مع أصدقائهم على فيس بوك أو مشاهدة قنوات الأفلام العربية.

لم تكن لدي خطة واضحة أضعها لأنفذها معهم في فترة الإجازة، وأيضا لم يتوفر المدير لأخد رأيه في الأنشطة التي أريد أن أقيمها لهم، ربما كنت مُقصرة أو غير جادة في محاولات إتصالي بالمدير لمناقشته في الأنشطة الصيفية التي يجب أن توفرها المدرسة للطلبة، وأيضا تكاسلت عن الحديث معهم والبحث عن أي طريقة أخرى لتنفيذ أي أنشطة مختلفة في هذه الإجازة، ولكن لا بأس مازال أمامي متسع من الوقت حتى موعد بدء الدراسة، وأيضا هي فرصة جيدة لفهمي طبيعة حياتهم في هذه الفترة، لا أعلم إن كنت سأنجح أم لا في تغيير عاداتهم الخاطئة في نظري، ولكن لا بأس من المحاولة.

في الواقع حاولت عدة مرات لقائهم في المدرسة والتحدث معهم في نقاش مفتوح بدون أي هدف واضح، فقط أريد أن أستمع إليهم، أراهم وأجلس معهم، كنت مشتاقة لهم في حقيقة الأمر، ولكن من يلبي دعوة الحضور عددا بسيطا للغاية، لإنهم يرفضون الإستيقاظ مبكرا. “يا ميس الساعة 10 الصبح بدري أووي!!”، بينما ألوم نفسي لإستيقاظي في ساعة متأخرة مثل الثامنة والنصف، يعتقد طلابي أن الساعة العاشرة صباحا هي موعد “بدري أوي!”، أكره عقد المقارنات بغرض إظهار كون جيل أفضل من جيل، أو إظهار نفسي شخص رائع لا يخطأ، كنت أقضي الإجازة مثلهم في كثير من الأوقات، ولكن كان لدي توجيه من والدتي طوال الوقت، أذكر كان هناك نادي ثقافي صيفي أذهب إليه مع أخي الأكبر لقضاء الوقت في القراءة أو صنع أعمال فنية أو لعب رياضة مثل كرة الطاولة، لا أعلم شيئا عن هذا النادي الآن وغالبا تم إغلاقه، ولكن في الأوقات الأخرى التي لم أذهب إليه بها – وهو لم يكن مكاني المفضل وتركته بعد وقت قصير – كنت دائما أجد وسيلة تسلية في المنزل، سواء باللعب مع إخوتي الكبار وممارسة الرياضة، أو قراءة المجلات، بالإضافة لبعض برامج الأطفال المفيدة ومسلسلات الرسوم، الحياة كانت أفضل بدون الإضطرار للجلوس أمام شاشة الكمبيوتر للتحدث بدون فائدة، نحن أمام مشكلة إستغلال سيء لخدمة الإنترنت، نستهلك كل الخدمات في مختلف المجالات بهدف التسلية وإضاعة الوقت، والتحدث عن الملل بعدها، هذا ما لاحظته عموما في شكل حياتنا ككبار ومع طلابي خاصة.

ما الهدف من هذا المقال؟ الثرثرة حول شكل الإجازة الصيفية التي يقضيها الطلاب في الوطن العربي، كيف يمكنني مساعدتهم؟ وددت بإقتراح قراءة كتب بسيطة، والإتفاق مع مدربين أنشطة فنية وعلمية لعقد دورات من يوم واحد في المدرسة مع الطلبة لفتح عقولهم أمام مجالات مختلفة غير التي يرونها في مقررات الدراسة، ماذا أيضا؟ سأحاول إقناعهم بالعدول عن العادات الصحية السيئة في تناول الطعام والنوم بطريقة غير سليمة وأداء بعض التمارين يوميا، وأخيرا وهذا أمر تحدثت معهم عنه سابقا، تعلم بنفسك من خلال مواقع الإنترنت المختلفة، ابتعد عن مواقع التواصل، كون صلاتك على الأرض وإتخذها وسيلة وأداة وليست هدفا في حد ذاته للإستمتاع بحياتك.

والآن ما الخطة ؟ الخطة هي العمل على تنفيذ الخطة، وإلى أن أرى نتائج منها سأبدأ في محاولاتي وأستمر بها، فلتدعوا لي بالتوفيق إن رغبتم في قراءة جديد طلابي الأعزاء

معلمة رياضيات للصف الأول والثاني إعدادي

مدرسة خاصة

آية عاشور

أؤمن أن التعلم هو رحلتنا الحياتية، نقضيها في فهم كيف يسير العالم من حولنا وكيف نساهم فيه، نكتشف ذاتنا باكتشاف معالمه. أحب الرياضيات والرياضة وعالم الأنمي، وأكتب باستمرار عن تجاربي التعليمية. “إن الأمل جهد عمل والجهد لا يضيع” .. أبطال الديجتال 😉
زر الذهاب إلى الأعلى