التفكير الفعال من خلال الرياضيات – من الخيال إلى الواقع (3)
“سلسلة تدوينات قصيرة حول تجربتي في إنهاء دراسة مساق تعليمي إلكتروني عن التفكير الفعَّال من خلال الرياضيات على مدار ٩ أسابيع تمثل عدد الدروس المطروحة في المساق”
(الأسبوع الثالث)
الأعداد غير النسبية!
كنت أعتقد بأنني على دراية جيدة بالأعداد وطبيعتها ومجموعاتها المختلفة، قبل دراسة هذا الأسبوع، وبعد الانتهاء منه، اكتشفت عالمًا آخر مليئًا بالمتعة الإدهاش حول الأعداد وحقيقتها وكيفية ظهورها وتصنيفها.
نعم! ما زال البروفيسور ستاربيرد يمارس هوايته المفضلة في إبهار عقولنا بهذا العلم الرائع وكيفية اكتشافه عن طريق استخدام طرق واستراتيجيات التفكير المختلفة المُتبعة طوال فترة المساق.
بدأ الحديث عن الأعداد، وطريقة العد، كيف خطرت للإنسان فكرة العد؟ ما المقياس الذي قامت على أساسه؟
ومن هنا ظهرت الأعداد الطبيعية، بعدها جاء الدور لاستكشاف الفكرة التالية، وهي الأعداد الكسرية أو النسبية، حيث تنتابنا الرغبة في تحديد منتصف المسافة بين نقطتين على خط الأعداد، أو مقارنة طول طفل صغير ورجل بالغ.
عندما تبدأ بالتفكير والتدبر والملاحظة لا تتوقف أبدًا، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالرياضيات، لذلك تجد من المنطقي التساؤل عن المزيد حول فكرة الأعداد، ليقودك الأمر لاكتشاف الأعداد السالبة، ثم مدى نسبية كافة الأعداد؟ ومن هنا تظهر فكرة الأعداد العشرية.
كل هذه الأمور لا تبدو بالبساطة التي أدونها بها، على الرَّغم من سهولة فهم المعلومات بعد دراسة المساق، لكن العلماء قديمًا احتاجوا لفترات طويلة للغاية لإثبات ما نعتقد أنه بديهي ومنطقي، وكلفهم ذلك في بعض الأوقات حياتهم ثمنًا للافتراضات العلمية التي كفر بها مجتمعهم ولم يتقبلها، على الرغم من إثبات صحتها في وقت لاحق.
“الوقت المناسب للتفكير بمسألة ما هو بعد إيجاد حل لها”
ر.هـ. بينج
0.99999
ماذا إن أخبرتك أن العدد 0.999 هو العدد 1؟
هل تقبل بهذه المعلومة؟ أم ستخبرني ببساطة أنني على صواب لأنه العدد الأقرب للواحد الصحيح، وهذا ما تعلمناه في المدرسة بالفعل، ولكنني أخطأت التعبير، فهو يساوي الواحد الصحيح بشكل تقريبي، ولكنه ليس هو رياضيًّا.
لن أجيب على هذا السؤال، سأتركك لاكتشافه في حال رغبت في دراسة هذا المساق، لتكتشف معي بعد ذلك عالمًا رائعًا مع الأعداد العشرية وكيفية تحويلها إلى أعداد كسرية والعكس، وهل هناك نمط محدد يمكننا بعد ذلك التعرف على من خلاله على خصائص العدد الكسري والعشري؟وهل له خصائص من الأساس؟
كل معلومة وكل تفصيلة مهمة، وعليك الاختيار والانتباه لما يجب عليك الانتباه له، وإن فاتتك بعض التفاصيل، تكتشف في النهاية أهمية بعضها التي كانت أمام عينك، ولكن لم تعرها الانتباه الكامل، وتتضح في النهاية الصورة الكاملة وتشعر كأنك عالم رياضيات عبقري في معمله يخرج ويصرخ “وجدتها! وجدتها!”
والآن، ماذا تبقى؟ خذ نفسًا عميق فـ الدروس المستفادة في هذا الأسبوع صعب علي اختصارها!:
– عندما تبدأ في تعلم أمر جديد، فكِّر كأنك مكتشف الأمر، واطرح على نفسك هذه الأسئلة:
* ما الذي جعلني أفكر في هذه الفكرة؟
* ماذا كان من المفترض أن أكون على علم به مسبقًا؟
* ما الأمثلة ذات الصلة؟
* ما استراتيجيات الاستكشاف التي يجب علي اعتمادها في استنتاج أفكار جديدة؟
– خير طريقة لابتكار الأفكار الجديدة هي الانطلاق من الأفكار القديمة التي نجحت من قبل واستخدامها مرة ثانية واكتشاف لأي مدى يمكن دفع الفكرة واستخدامها، فكل فكرة مشتقة ونابعة من اكتشاف سابق تم الإسهاب في توسيعه والنظر إليه بشكل مختلف.
– عند التعامل مع المسائل الرياضية والمشاكل الحياتية المعتاد حلها بطريقة معينة، اسأل نفسك “ماذا لو كنت على خطأ؟” بدلًا من افتراض فكرة أن طريقتك صواب طوال الوقت.
“إذا كنت قد رأيت أبعد من غيري فذلك لأنني وقفت على أكتاف العمالقة”
إسحق نيوتن
عند هذا الحد تنتهي تدوينتي، والأسبوع القادم تدوينة جديدة في هذه الرحلة الممتعة.