فكرة

التفكير الفعال من خلال الرياضيات 9 – نهاية سعيدة

“سلسلة تدوينات قصيرة حول تجربتي في إنهاء دراسة مساق تعليمي إلكتروني عن التفكير الفعّال من خلال الرياضيات على مدار ٩ أسابيع تمثل عدد الدروس المطروحة في المساق”

الأسبوع التاسع

نهاية سعيدة

من المتوقع أن أكتب في المقال الأخير عما تعلمته من الأسبوع التاسع، ولكن في الحقيقة أنا لم أنهِ الأسبوع التاسع حتى لحظة كتابة هذه السطور، لقد بدأت في الدراسة ثم غفوت أمام شاشة الحاسوب وأنا على بُعد 5 ساعات على الموعد النهائي لتسليم كافة المهام، والإجابة على اختبار الأسبوع التاسع، والاختبار النهائي للمساق.


فكرت أن أقوم بحل أسئلة الاختبار النهائي بشكل عشوائي، لكن في الحقيقة لم أستطع، بعد كل ما تعلمته، بعد هذه التجربة الفكرية التعليمية الرائعة، لم أستطع أن أصبح على نفس التفكير النمطي الضعيف الذي طالما نشأنا عليه في مدارسنا.

لم يعد يهمني أن أحصل على الشهادة أو أن أجيب على كافة الأسئلة في وقت مُحدد، أريد أن أحصل على الشهادة عندما أستحقها، أريد الإجابة على الأسئلة لأنني أفهمها وأخطأ وأصيب وأنا أحاول الوصول للحل الصحيح، لم أعد أخشى الأسئلة، أصبحت أحبها وأتشوق للمزيد منها الذي يزداد صعوبة مع الوقت.


في بداية هذا المساق كان لدي هدفان:

الأول: الالتزام بمدة المساق والحصول على الشهادة بغرض الإثبات لنفسي أنني أستطيع تحقيق أمر ما والالتزام به بحق، قبل أن يمضي الوقت بي وأنا أتعامل باستهتار مع الفرص المتاحة أمامي.

الثاني: فهم المساق، فهم كيفية التفكير بعقل رياضي، وقبل الفهم، كنت أرغب في أن أُعمل عقلي، أردت تدريبه على العمل من جديد، بعد أن نال منه نظام التعليم والحياة لفترة طويلة، أحببت الرياضيات بحق، ورغبت في أن أدرسها من البداية، اعتقدت وآمنت أن هذا المساق هو البداية، وكنت على حق، ولم يكن البداية فقط في دراسة الرياضيات، بل كان البداية لنواحي حياتية وعلمية أخرى في حياتي أود الاحتفاظ بها لنفسي في الفترة الحالية.


لكنني على ثقة شديدة بأنه كان من الصواب البدء في دراسة المساق، وأن الرياضيات كانت بالفعل قادرة على مساعدتي في تحقيق أهدافي في الحياة وإسعاد نفسي وروحي.

راجعت جدول درجات المساق، ووجدت أنني حققت هدفي الأول بعد أن حصلت على مجموع درجات 75% حتى قبل أن أجتاز اختبار الأسبوع السادس والتاسع والاختبار النهائية، وهذه الدرجات كافية للحصول على الشهادة.

سعدت كثيرًا، وشعرت بأنني كذلك حققت جزءًا كبيرًا من هدفي الثاني عندما حافظت على المبادئ التي تعلمتها من خلال المساق وطبقتها بالفعل عليه، وقررت أن أكمل دراسة باقي الدروس في الأيام اللاحقة لأتمكن من فهمها بشكل أفضل.


فكرت مليًا في الوقت الذي أهدرته في عمل أمور هي أقل من اهتماماتي الحياتية البسيطة، بدلًا من دراسة هذا المساق، فكرت في كم المرات التي كنت على وشك دراسته على الموقع في نسخته السابقة، لأتجهز جيدًا له، حتى عندما يُعاد طرحه في موعد جديد تصبح الأمور أسهل علي في اجتياز الاختبارات والحصول على الشهادة، فكرت في كيف يمضي بنا الوقت ونحن نؤجل الأمور التي تسعدنا وقادرة على تغيير حياتنا لأننا ننتظر الوقت المناسب، وفي الحقيقة أن الوقت المناسب، هو الوقت الذي تقرر فيه أن تتغير وتبدأ في فعل ما تُحب.


ولكن في النهاية يُمكنني القول بأنني سعيدة للغاية، سعيدة لأنني حتى في وجود فترة بسيطة تفصلني عن موعد التسليم النهائي لم استسلم وظللت أدرس، وربما هذا هو أهم درس تعلمته، وأحاول أن أطبقه في كافة شئون حياتي، في ألا أتوقف ابدًا، حتى تخيلت أن الوقت قد مضى على تحقيق أمر ما، لا يجب علي التوقف، لأن الكنز الحقيقي كما يقولون هو في الرحلة.

المتعة الحقيقة ليست في الشهادة أو الجائزة الختامية، بل في اللحظات التي عشتها وأنت تدرك وتعي وتتعلم وتفهم وتصبح أكثر قدرة على رؤية الأمور بوضوح، هذه اللحظة تساوي الكثير، هذه المعرفة والعلم، هذا الشعور بالعقل الذي يغمرك، من أجله يُمكن فعل الكثير، والتضحية بما تكتشف بعد ذلك أنه لم يكن يرقى لمكانة التضحية.


شُكرًا لكل من يساهم في نشر المعرفة والعلم بحُب وشغف، شكرًا لكل من يحارب ويستمر لعمل ما يُحب، فيشاركه معنا بكل هذا الحماس، ويساعدنا على معرفة ذواتنا ودعمنا دون حتى أن يُدرك ذلك.


شُكرًا بروفيسور ستار بيرد وكل طُلابك الرائعين، شُكرًا منصة إدراك، وشكرًا دكتورة رندا النجدي في دعمك للطلاب العرب وتقديمك المميز لهذا المساق، لن أنسى هذه التجربة أبدًا .. أبدًا.

أتمنى أن تساهم سلسلة التدوينات هذه في مساعدة نشر هذا العلم الذي قدمه هؤلاء الرائعين المُحبين لعلم الرياضيات، وأن تمنح القارئ القدرة على الفهم الحقيقي لطبيعة هذا العلم، الذي يحمل في رموزه معاني أكبر من الأرقام والحسابات.

شُكرًا عزيزتي الرياضيات .. لم تخذليني قط في رؤيتي لك <3

وختامًا إليكم رابط المساق لكل من يرغب في دراسته والاطلاع عليه .. التفكير الفعّال من خلال الرياضيات

آية عاشور

أؤمن أن التعلم هو رحلتنا الحياتية، نقضيها في فهم كيف يسير العالم من حولنا وكيف نساهم فيه، نكتشف ذاتنا باكتشاف معالمه. أحب الرياضيات والرياضة وعالم الأنمي، وأكتب باستمرار عن تجاربي التعليمية. “إن الأمل جهد عمل والجهد لا يضيع” .. أبطال الديجتال 😉
زر الذهاب إلى الأعلى