تقاريرصحافة التعليم

الرقابة الحكومية على الإنترنت

(هذا المقال هو جزء من تغطية فريق شبكة زدني ضمن مؤتمر منتدى الشرق الذي عقد في اسطنبول مابين 16 و 20 إبريل).

حضر فريق “زدني للتعليم” جلسة ضمن إطار منتدى الشرق بإسطنبول، وقد كان موضوعها الرقابة الحكومية على الإنترنت والبدائل المتاحة، من تقديم هارون مير، متخصص في أنظمة الحماية المعلوماتية، حاول من خلال عرضه أن يشرح بعض التقنيات التي تستعملها الحكومات لتوجيه أنظار مستعملي الإنترنت نحو أحداث معينة وتحويل انتباهها عن أحداث أخرى تلفت الرأي العام.

سنحاول أن نعرض لكم هنا بعض أفكار العرض التي نترجمها لكم عن اللغة الإنجليزية.

يتميز العصر الحالي بظهور لمفهوم جديد هو ” المحتوى المعد من طرف المستخدم “، حيث يعرف انتشارًا واسعًا ويتخذ أشكالا متعددة، قد يكون عبارة عن تدوينات إلكترونية على مدونات بلوغر، أو عبارة عن منشورات في منتديات مفتوحة على الإنترنت، أو منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يميزها جميعًا كونها تعتبر محتوى ينشره أفراد من خلف الشاشات في بيوتهم ويقومون بالتفاعل مع القراء دون الحاجة لإظهار هوياتهم. وهذه النقطة تعتبر مهمة جدًا، حيث ليس من الضروري أن تكتب هويتك الحقيقية حتى تنشر وتروج لأفكار تريدها ..

من هنا ظهر مفهوم جديد هو ” استئجار الحشد ” أو استئجار المجموعات التي تعتبر حسابات وهمية بهويات غير موجودة تنشئها جهة ما لديها أهداف معينة كأن تستعملها في التعليق على خبر ليس في مصلحة الحكومة، فتدخل هذه الحسابات المزيفة في نقاشات طويلة عبر التعليق على الأخبار أو التدوينات التي تستهدفها، وبهذا يتم تمويه القراء والمستعملين وإبعادهم عن الخبر الرئيسي بإدخالهم في نقاشات مغرضة، حيث يعتقدون أن أهمية المحتوى تقاس بعدد الأشخاص الذين يناقشونه ويتفاعلون معه، وهذه هي الصورة البسيطة لهذه التقنية، فمن منا لم يدخل يومًا موقعًا ويجد تعليقات لا علاقة لها بالموضوع ؟ أو تعليقات تحتوي روابط مثيرة تجعلك تدخل لقراءة خبر آخر وتنسى الخبر الأول ؟ إن كل شيء مدروس لأهداف معينة.

هناك مفهوم آخر يدعى ” لائحة البريد الإلكتروني” وهو يعني أن نستخدم قائمة بريدية تحتوي عناوين أشخاص معينين ونقوم بإرسال محتوى إليهم، السؤال الذي طرحه هارون مير هو : هل بإمكاننا أن نجعل الكثير من الأشخاص قادرين على قراءة تلك الرسائل؟

لحساب عدد الذين يقرؤون تلك الرسائل هناك طرق متعددة من بينها استخدام الروابط التي يعطينا تقريرًا عن عدد النقرات التي قام بها المستعملون. ولكي يرتفع عدد النقرات على الرابط يجب أن يكون موضوع الرسالة الالكترونية مغريً، أو مثيرًا للفضول.

وبهذا يسهل الترويج للأفكار، وهنا أيضًا يتم استعمال قائمة طويلة من العناوين الالكترونية المزيفة التي تقوم بمناقشة فيما بينها كي تجعل المستعمل الحقيقي يلتفت إليها من بعيد على أساس أنها تثير الناس وبالتالي يعتقد أنها مواضيع مهمة جدًا.

تحدث بعد ذلك عن التصويتات التي تتم عن طريق الإنترنت، حيث تعرض مواقع أخبار عالمية استقصاءات للرأي على مواقعها بخصوص أحداث الساعة ويتم بناءً على النتائج المحصلة تكوين فكرة عن الرأي العام، ،ولكن مع وجود أشخاص يستطيعون التلاعب بنتائج التصويتات من خلف الشاشات فإن هذه التقنية تبقى مشكوكً في قدرتها على نقل الصورة الحقيقية.

تحدث أيضًا عن موقع ريديت الشهير بعرضه لأخر الأخبار والمقالات مع اتاحة إمكانية التصويت عليها برفعها في الترتيب أو عدم رفعها. وهذا التصويت الذي من المفترض أن يقوم به مستعملون حقيقيون هو الذي يقرر أي الأخبار يعتبر مهمًا لمتابعته  . هنا أيضًا تقوم الحسابات المزيفة بالضغط في وقت واحد على زر عدم الاعجاب كي تقوم بإسقاط مقال لديه ترتيب عال جدًا كما تدفع بمقالات أخري للأمام بنفس الطريقة.

هناك أمر آخر يتعلق بموقع تويتر حيث أتاحت إمكانية شراء المتابعين عبر دفع المال للموقع الكثير من الفرص للترويج لأخبار وأحداث بهدف ما يمكن لتغريدة واحدة أن تسبب الكثير من الفوضى في العالم.

أحيانًا حينما ترغب جهات معينة بلفت انتباه المستعملين لموضوع محدد، تقوم بالدعاية له عن طريق ادعاءات كاذبة، كأن تنشر على نطاقات واسعة بحسابات وهمية فكرة تقول بأن هناك حملة شنيعة ضد السامية ويجب أن يدخل كل من له غيرة على السامية للتصويت أو التعليق أو نشر الموضوع كي يساعدهم على ايقاف ذلك الشخص .. لكن في الواقع المشكلة مختلقة .. ولا توجد قضية أبدًا تستدعي الاهتمام. فقط ما يتم هو استغلال عواطف الشعوب لأجل أهداف أخرى لا يعرف عنها أحد شيئًا. نفس الأمر يحدث بخصوص الإسلام والحملات الدعائية على الإنترنت.

هكذا إذن نلاحظ أن التحكم بالرأي العام على الإنترنت، أو بالأفكار التي يتم الترويج لها هو أمر مخطط له من قبل جهات حكومية لديها أهداف واحدة. وبالتالي فإننا نظن أننا أحرار في حين أنه يتم التحكم في ما يجب أن نقرأه وما يجب أن نشاهده.

منتدى الشرق – استشراف المستقبل2015

إيمان ملال

كاتبة رأي ومدوّنة من المغرب.
زر الذهاب إلى الأعلى