فكرة

ماذا تعلمت بعد 3 سنوات من التُخرج؟ -الجزء الثاني-

ماذا تعلمت بعد 3 سنوات من التُخرج؟ – الجزء الأول

مقدمة لابد منها

أقرأ كثيرًا مقالات تحمل عناوين مثل 10 نصائح للنجاح في عملك، 8 أسباب لتحقيق كفاءة أفضل في وظيفتك، 13 عادة تؤدي بك للفشل …. إلخ
كما أعتقد أنه قابلني عدد لا بأس به من منشورات فيس بوك التي تحمل نصائح للشباب “الفاشل” الذي لا يسعى للعمل بجد ولا يرغب في تطوير نفسه وقدراته، بعضها قد يحمل اتهامات صحيحة، والآخر يحمل كمية من الغرور وتقدير مبالغ للذات والأعمال.

لذلك أرجو من قارئ السطور التالية عدم أخذها على محمل النصيحة أو محاولة مني في الحُكم على الأفراد، أو حتى يعتبرها قواعد عامة يمكن تطبيقها في حياتهم، فلكل منا تجربته الخاصة التي يعيشها بظروف معينة تؤدي به لاستنتاج بعض الأمور التي قد يتنازل عنها لاحقًا ويفقد إيمانه بها بعض خوضه تجربة جديدة، ومن الممكن أن يتعامل معها كـدروس تساعده على إكمال رحلته وتحقيق هدفه المنشود.

انتهى زمن العبودية

الصورة الذهنية لرب العمل الذي يأمر فيطاع هي محض خيال مريض يتحول لواقع مؤسف لست مضطرة لخوضه.

هناك بعض الأشخاص الذين أفضل العمل معهم حتى بدون مقابل مادي إن تحتم الأمر، وهناك أشخاص آخرين بعد أن يطلبوا مني القيام بعمل مُعين يكن السؤال الأول هو (ما المقابل؟)

الاستغلال ومحاولة السيطرة على الموظفين وتعمد بث الشعور بالتقصير والفشل من طرفهم من قبل المدراء، أمر شائع لتبرير قلة الراتب لأنه نتيجة للمجهود البسيط المبذول.

في الواقع أرى الكثير من العاملين والموظفين الرائعين، بدونهم ستصبح الشركات مقرات مجهولة، ولكنهم لا يدركون حقوقهم جيدًا، هذا بوجه عام.

أما بشكل خاص، فالطريق للفتيات في عالم الأعمال ليس مفروشًا بالورود.

نعم، هذا حقيقي للغاية، يجب على الفتيات بذل مجهود أكبر للوصول لنفس المكانة التي يصل إليها الشباب في بعض الوظائف، لكننا في زمن مفتوح للتعبير ونمتلك من الوسائل الإعلامية ما يكفينا لفضح هذه الأفعال.

تعلمت أن أتحدث بثقة وقوة وثبات، لأنني لست “أَمَة” لأحد، زمن العبودية انتهى.

البصلة وقشرتها

دائمًا ما أجد صراعات بين الأفراد العاملين في مجال واحد، وأكتشف أن هناك فرقًا وأحزابَ داعمة ومعارضة، الاتهامات والتعليقات الساخرة غير المباشرة على فيس بوك تأتيك من حيث تترفع عن ملاقاتها، لذلك أفضل الابتعاد عنها والعمل في صمت بعيدًا عن هذه الصراعات، وأغلبها يأتي نتيجة لخلافات شخصية وأنا لا أهتم لهذا ولا لهؤلاء، فقط ما يهمني هو مصلحة عملي، لذلك لا أتدخل بين البصلة وقشرتها كما يقولون في مصر، حتى أتجنب رائحتها!

لا لم أصل للنهاية بعد

لا أتحدث عن مشواري المهني أو العلمي، بل أتحدث عن مكان العمل نفسه، في بعض الأوقات كنت أشعر بالحزن الشديد لأنني لن أستطيع أن أجد مكان عمل وزملاء كالسابقين أبدًا، ستنهار حياتي، سأضطر للعمل مع مدير سخيف، سأتحول لموظفة حياتها مملة ورتيبة، وأستيقظ من حُلمي لأجد صوتًا بداخلي يخاطبني باستهجان واستنكار (هل تصدقين نفسك حقًا؟)

ما هذا الهُراء؟ أنا لم أعمل في يوم في مكان لا أحبه، أرفض التقدم في عمل في شركات كُبري -بغض النظر عن مدى مؤهلاتي للعمل بها- لأنني لا أحب نمط الحياة هذا، وربما بسبب دعوات أمي الصادقة دائمًا وبعض الاجتهاد مني في البحث عن عمل يناسب شخصيتي، أجد دائمًا رفاق رائعين ورب عمل ومُدير يستوعب أفكاري الخاصة بالعمل ويشجعني على تحقيقها، الأحلام لا تتوقف على مكان واحد، أنت من تقود حياتك لا الشركة ولا رب العمل ولا الوظيفة.

هناك نصيحة واحدة يُمكنني أن أوجهها للقارئ في هذا الشأن، لا تتردد قط في طلب العمل من شخص ناجح بشكل مُباشر، أذهب وأخبره برغبتك في العمل معه، لا تتكاسل في تعلم المهارات المطلوبة للوظائف التي تتوفر في شركته أو في المنصب الذي تطمح إليه، ولكن اختر بعناية الشخص الذي تطلب منه هذا الطلب، لأن هناك أصحاب نفوس مريضة يتخيلون أن طلب العمل هو “شحاذة” أو “تسول”! في الواقع أنت تطلب أن تقدم مجهودك ووقتك في مقابل مادي ولا تطلب صدقة!

ولا يُشترط نهائيًا أن تطلب من شخص بعينه، ربما شركة، أو كيان ما تحب العمل به، راسلهم وأخبرهم برغبتك في التدريب أو العمل، أكتب لهم مهاراتك وأظهر لهم مدى اهتمامك، ولا تحزن إن لم يتم الرد عليك فهناك 100 طريقة أخرى لتحقيق حلمك.

لا يوجد تمثيل في المقابلات

رأيت هؤلاء الأشخاص كثيرًا، يستحقون الأوسكار في أدائهم المُبهر في مقابلات العمل، سواء كانت للحصول على وظيفة أو في جلسات عقد الشراكات والتعاون بين كيانين، هناك مُتحدث جيد وصادق، وهناك ممثل جيد يؤدي دور المُرشح الأفضل.

لست بحاجة للتمثيل لنيل إعجاب من يجلس أمامي، في مقابلات الحصول على وظيفة أوضح بشكل مُهذب وصريح بأن لدي هدفًا في العمل معكم بسبب كذا وكذا وكذا، ومهارات ببساطة شديدة هي كذا وكذا وكذا.

لست سوبرمان، ولست عاجزة كذلك، أستطيع تعلم مهارات محددة لإتمام عملي إن تطلب الأمر هذا، ولديكم تاريخ عملي بالكامل.

كذلك الأمر في مقابلات عقد الشراكات والتعاون، واكتشفت مؤخرًا أنني أتشارك مع أرباب عملي شعور بالضيق والملل من المتحدثين المثاليين، فقط ببساطة أخبرنا عما ترغب في عمله معنا، لماذا هذه الأداء المصطنع و الابتسامة المزيفة؟

عزيزي القارئ، نصيحة أخرى لك في هذا الشأن، كُن على طبيعتك في مقابلات العمل.

سبع صنایع والبخت مش ضايع

سبق وأن تحدثت عن فكرة المكان الذي أعمل به حاليًا وهي قائمة على فكرة مضادة تمامًا لهذا المثل المصري الشهير “سبع صنايع والبخت ضايع“، يمكنكم الاطلاع عليها وقراءة تفاصيل المكان وفلسفته، لكني سأعيد كتابة فكرتي بطريقة مختصرة هنا لمن لا يمتلك الوقت و استكمالًا للدرس الأول الذي تعلمته وهو عدم التخلي عن الأحلام القديمة.

في الحقيقة لا يوجد أي عمل على وجه الأرض لا يتطلب منك أن تمتلك العديد من المهارات التي لا يخبرونك في الجامعة عن أنها تصب في مجال العمل بشكل مباشر، حتى وإن لم تتخيل ذلك!
لقد بدأت العمل ككاتبة في مجال التكنولوجيا بشكل تطوعي لكي أتدرب، وبعد ذلك أصبحت كاتبة محتوى، ثم عملت كمُعلمة رياضيات لأنه مجال دراستي وتخصصي، وبعد ذلك عملت لفترة قصيرة كمصممة لمحتوى تعليمي للرياضيات أيضًا وفي نفس الوقت كنت أعمل مُدونة عن التعليم وكاتبة وُمترجمة مقالات مبسطة عن العلوم المختلفة.

خبرتي كمُعلمة أهلتني للعمل كمصممة محتوى، وساعدني في ذلك قدرتي على الكتابة بشكل متواضع، وعملي كمُدونة أو كاتبة إن جاز الوصف جاء من رغبتي في التعرف على المعلومات التكنولوجية وإيصالها للغير، وعملي الأخير كمُنسقة للأنشطة التعليمية جاء بسبب معرفتي بمشروعات علمية كثيرة وخبرتي البسيطة عن هذا المجال.

وحاليًا عندما أبحث عن أي فرص عمل تتعلق بتصميم المحتويات التعليمية أجد أنها تتطلب مهارات أخرى في البرمجة والتصميم الجرافيكي في بعض الأوقات، بجانب إتقان اللغة بكل تأكيد.

كل هذا لم يخبروني عنه في كلية العلوم قسم الرياضيات، في الواقع لم يكن أحد يهتم بي من الأساس، ولن يفعل أحد مع أي طالب في الدول العربية تحديدًا وهم من أتوجه لهم بهذه السطور، كافة المهارات التي كان علينا تعلمها في المدرسة والجامعة لنتمكن من خوض سوق العمل بكفاءة لم وربما لن يسمع بها مسؤولي وزارات التربية والتعليم، لأنهم يعيشون في عصور ما قبل التاريخ.

نمتلك بالفطرة قدرًا من هذه المهارات يتطلب الاهتمام والتطوير، وأؤمن أن كل إنسان مؤهل للعمل الذي يطمح به بشكل فطري كذلك، لهذا السبب لا تستمع لمن يطلب منك التخصص في جهة واحدة وعدم العمل في أكثر من وظيفة في بداية حياتك، هذه التجارب المختلفة هي ما تمنحنا الخبرة الحقيقية لخوض الحياة بشكل عام وسوق العمل بشكل خاص.

آية عاشور

أؤمن أن التعلم هو رحلتنا الحياتية، نقضيها في فهم كيف يسير العالم من حولنا وكيف نساهم فيه، نكتشف ذاتنا باكتشاف معالمه. أحب الرياضيات والرياضة وعالم الأنمي، وأكتب باستمرار عن تجاربي التعليمية. “إن الأمل جهد عمل والجهد لا يضيع” .. أبطال الديجتال 😉
زر الذهاب إلى الأعلى