فكرة

نظرية خط الأعداد والوصول متأخرًا (2)

في التدوينة السابقة تحدثت عن التشابه ما بين رمزية خط الأعداد وحياتنا وطموحنا وأهدافنا الشخصية التي تتجدد وتحاول الظهور على السطح كلما مر الزمن ولا نستطيع نسيانها، خاصة بعد انتهاء دوامة الدراسة الجامعية، والشعور بعدم التكيف مع الصورة النمطية التي رسمها المجتمع والنظام للمسار الذي يجب أن تكون عليه حياتنا.


فلا عُمر يقيد أحلامنا، ولا يوجد ما يسمى بالوصول متأخرًا عند السعي لتحقيق الحُلم، الحياة الحقيقية تبدأ عندما نقرر أن نفعل ما نحب ويشعرنا بقيمة وجودنا في هذه الحياة.


لكن الحديث كالعادة سهل، أما الفعل هو الأمر الأصعب، وعند البدء في تنفيذ الخطوات اللازمة قد نشعر بالانهزام والتراجع بعض الوقت، محاصرين بالأفكار والتعليقات والتدخلات المستمرة مِن آراء مَن حولنا حول ما نقوم بفعله وهل هو الصواب حقًا؟


ماذا علينا أن نفعل في هذا الموقف؟ من خلال السطور التالية أحاول فقط سرد ما ساعدني على استكمال العمل على هدفي وسعيي الخاص، والذي ربما لا يتوافق مع حال الجميع، لكني أشعر بأنه من الواجب علي مشاركته مع الغير.


البدايات والتفاصيل الصغيرة

تذكر البداية دائمًا، تذكر أحلام الطفولة، تذكر التفاصيل الصغيرة التي لم تفارقك يومًا، وكانت تدفعك للعودة دائمًا لهذا الحلم، هذه التفاصيل سوف تصنع الفارق إن قررت التركيز على حُلمك بحق، فالصورة الأكبر هي ختام الأعمال، لكن ما يصنعها هي اللمسات الصغيرة التي تتماسك لترسمها وتظهر ملامحها.


تذكّر دائمًا بأنك أنت كنت هناك طوال الوقت، لكنك كنت تسعى للخروج والظهور، وها هو الوقت قد حان.

لا تتوقف!

حدودك السماء، لا وقت للراحة، استرح عندما تنتهي من مهمتك، لحظتك الأهم هي الآن، وليس لاحقًا، أفعل كل ما عليك ولا تدخر جهدًا، في الحقيقة ليس هناك أي داعي لإدخّار الجهد عندما يتعلق الأمر بما نحب، عندما تقرر التوقف للحظات لأنه فقط من المتوقع القيام بهذا القدر من المجهود على مهمة أو عمل ما، اسأل نفسك لماذا ليس الأكثر؟


هل يتوقف خط الأعداد عند حد معين؟ لا! إذن كن مثله، واكتشف حدودك بنفسك ومدها إلى اللانهاية.



صغير وكبير

أنت الآن على بداية الطريق الجديد، نعم ربما تكون كبير في العمر، وناضج نسبيًا، لكنك ما زلت طفل صغير في مرحلة تعلمه للوصول للهدف الأكبر، لا تشعر بالضيق عند التعثر، ولا تتخيل أنك ستصل في يوم وليلة! ربما يمنحنا العُمر والنضج بعض التفوق والسرعة في التعلم، لكن لا تغتر، ستأتي مرحلة ما وتجد أن التطور أصبح بطيء وغير ملاحظ، عندها عليك بألا تتوقف وتستكمل المسير وأنت تدرك أنك كالطفل الصغير، أمامك مشوار طويل ستصل لنهايته بخطوات صغيرة متلاحقة.



استعد للمفاجأة

كل ما تعرفه عن نفسك، كل ما يعجبك في صفاتك، كل ما اعتقدت سابقًا أنه كفيل لصنع الصورة التي ترسمها لنفسك في المستقبل، استعد للمفاجأة لمعرفة إن كان صواب أم خطأ، الصفات التي أعجبتك وتخيلت أنها ستساعدك على تحقيق حلمك، يجب عليك أن تتخلى عن بعضها لأنها هي ما تعيق مسيرك، أما أفكارك وأسلوب تفكيرك وتعاملك مع المشاكل المختلفة، عليك أن تتحلى بمرونة شديدة لتغييرها في أي وقت عندما تكتشف أنك كنت على خطأ في تعاملك مع حلول هذه المشكلات قديمًا.


الرابط العجيب

تأمل الروابط بين كل ما تحبه في حياتك والهدف الذي تسعى لتحقيقه، وحاول صنع بيئة محيطة مساعدة تدعمك في مسيرك، هذه الروابط ستساعدك كذلك على تذكر أنك خُلقت لهذا الهدف والحُلم.



كُن لنفسك كل شيء
ختامًا، كما تذكرني دائمًا مُعلمتي العزيزة، بأن أكون لنفسي كل شيء، طلب المساعدة أمر رائع، فنحن نعمل سويًا من أجل إنجاح تجربتنا في الحياة وخلق مجتمع داعم وسعيد، لكن في بعض الأوقات لا يتوفر هذا المجتمع حولنا، لذلك عليك أن تكون لنفسك كل شيء، لا تنتظر المساعدة تأتيك، أسعى لها، وكن أول من يساعد نفسك بالتعلم المستمر والبحث والاطلاع والإصرار على المعرفة.



تمنحنا الحياة فرصة جديدة مع كل نفس يدخل رئتنا للتفكر والبدء في تحقيق الأحلام المؤجلة، التي نخشى تحقيقها خوفًا من التصديق بأننا نستطيع!

نعم في بعض الأوقات خوفنا من معرفة حقيقتنا ومدى قوتها يصبح هو العائق الأكبر في مسيرتنا، لكن عندما يحدث هذا، تذكر خط الأعداد، تذكر بأن كل منا يمثل نقطة فريدة على هذا الخط، يمكنها الانطلاق إلى حيث لا توجد نهاية للطموح والحياة.

آية عاشور

أؤمن أن التعلم هو رحلتنا الحياتية، نقضيها في فهم كيف يسير العالم من حولنا وكيف نساهم فيه، نكتشف ذاتنا باكتشاف معالمه. أحب الرياضيات والرياضة وعالم الأنمي، وأكتب باستمرار عن تجاربي التعليمية. “إن الأمل جهد عمل والجهد لا يضيع” .. أبطال الديجتال 😉
زر الذهاب إلى الأعلى