تقنيات الألعاب التحفيزية (5): المواجهة الحاسمة
على مدار 5 أسابيع قمت بدراسة مساق حول تقنيات الألعاب التحفيزية على منصة إدراك التعليمية، كانت التجربة سريعة وثرية بالمعلومات القيمة التي غيَّرت الكثير من تفكيري عن هذا المجال. وقمت بكتابة بعض الملاحظات في منتدى النقاش الخاص بالمساق، ثم فضلت بعد ذلك أن أعيد كتابتها في شكل سلسلة تدوينات قصيرة تعكس ما تعلمته كي أشاركها على موقع شبكة زدني.
واليوم أشارككم الجزء الخامس من هذه السلسلة..
المرحلة الخامسة (المواجهة الحاسمة)
وصلنا أخيرًا إلى المرحلة النهائية، التي نتعلم فيها كيفية بناء هيكل نظام Gamification أو تقنيات ألعاب تحفيزية.
في البداية تعرفنا على 4 مجالات تستخدم فيها هذه التقنيات، وهي:
– العمل.
– التعليم.
– التسويق.
– تغيير نمط الحياة.
قبل البَدء في تخطيط هيكل أو بناء نظام، علينا أن نسأل، لمن نوجه هذا النظام؟
الأصل هو التغيير في الأشخاص في أي مجال، لذلك ينبغي أن نتعرف على أنواع المستخدمين أو (اللاعبين) وشخصياتهم حتى نتمكن من تقديم النظام الأفضل لهم.
هناك 4 أنواع من اللاعبين:
أولًا (المنجزون): وهم من يحبون التباهي بالإنجازات.
تصرفاتهم الرئيسة: جمع النقاط والأوسمة.
أهدافهم الرئيسة: جمع المكافآت والحوافز عند إتمام التحديات.
نسبتهم من جميع اللاعبين: 10%
ثانيًا (المستكشفون): وهو من يحبون ويسعون نحو الجديد، وهناك من يصفهم بـ “المتواضعون“.
تصرفاتهم الرئيسة: البحث عن الجديد واكتشاف الأسرار حتى في ظل التكرار.
أهدافهم الرئيسة: الحصول على المفاجآت وإشباع الفضول.
نسبتهم من جميع اللاعبين: 10%
ثالثًا (الاجتماعيون): وهم الذين يفضلون التفاعل مع الآخرين.
تصرفاتهم الرئيسة: التعاون مع الآخرين لتحقيق الإنجازات.
أهدافهم الرئيسة: التواصل مع من حولهم.
نسبتهم من جميع اللاعبين: 80%
رابعًا (المقاتلون): وهم من يحبون التباهي ويستمتعون بخسارة الآخرين.
تصرفاتهم الرئيسة: تحدي الآخرين والسعي وراء هزيمتهم.
أهدافهم الرئيسة: إثبات الأفضلية.
نسبتهم من جميع اللاعبين: أقل من 1%
بناء نظام باستخدام تقنيات الألعاب التحفيزية
والآن بعد أن تعرفنا إلى أنواع اللاعبين، لنتعرف إلى عملية بناء نظام تعليمي، وهي مكونة من 6 خطوات:
1- تحديد أهداف العمل.
2- تحديد السلوكيات والأفعال المستهدفة.
3- تصنيف اللاعبين.
4- تصميم دوران الأنشطة.
5- إدخال المرح والسرور.
6- اختيار العناصر والتقنيات المناسبة.
كيف نقوم بعمل هذه الخطوات بشكل أكثر تفصيل؟
نقوم بها تمامًا كالآتي ..
أولًا: تحديد أهداف العمل:
يتعلق تحديد الأهداف بتحسين الأداء، والمقصود من وراء تحسين الأداء هو تغيير سلوك الشخص أو اللاعب، بقصد تحسينه، لا من أجل الربح.
بعد أن نقوم بتحديد أهدافنا الرئيسة، يجب علينا ترتيبها حسب الأولوية والأهمية، ثم بعد ذلك نشرح ونوضح فائدة كل هدف وأثره.
يمكن اختصار هذه الخطوة في 3 كلمات، وهي: تحديد >> ترتيب >> توضيح الآثار.
ثانيًا: تحديد السلوكيات والأفعال المستهدفة:
في هذه الخطوة المطلوب هو تحديد السلوك أو الفعل الذي نرغب في أن يقوم به اللاعبون كي يتم القياس عليه، مثل الضغط على زر الإعجاب أو المشاركة في مواقع التواصل، أو حل الاختبارات في المدرسة، أو شراء منتج ما.
يجب أن تدعم السلوكيات (الأنشطة) الأهداف التي تم تحديدها، ويجب أن يتوافر خيارات عديدة من الأنشطة لأنماط اللاعبين المختلفة.
بالإضافة لذلك ينبغي أن تتوفر وسيلة لقياس هذه السلوكيات أو الأفعال أو الأنشطة، فمثلًا تمنح (5 نقاط) لكل ضغطة على زر الإعجاب، و(10 نقاط) على زر المشاركة، وهكذا حتى تعرف أكثر الأنشطة التي يفضل اللاعبون استخدامها.
من الممكن استخدام (الفوز) كوسيلة قياس مدى تفاعل اللاعبين، والفوز هنا قد يعني تكرار عمليات الشراء، حتى يصبح الفرد الأكثر شراءً هو الفائز.
لكن الفوز له عيوبه كأداة قياس، حيث لا يمكنك المحافظة على جميع اللاعبين عن طريقه، فالخاسر لن يفضل العودة للقيام باللعب مرة أخرى، وعلى الرغم من هذا فيمكن استخدام الفوز على فترات متباعدة (كل أسبوع – كل شهر – … إلخ).
بعد ذلك نقوم بتحليل بيانات السلوكيات، لمعرفة التغذية الراجعة حولها ثم نقوم بعمل التعديلات والتطويرات المناسبة لتحسين الأنشطة الخاصة باللعب، ونطبقها، ثم نعاود تحليلها وهكذا، تستمر هذه الخطوة طوال فترة اللعب، حتى نحافظ على وجود اللاعبين.
يمكن اختصار هذه الخطوة في 4 كلمات وهي: تحديد >> تحليل >> تغذية راجعة >> تطبيق.
ثالثًا: تصنيف اللاعبين:
بعد تحديد الأهداف والسلوكيات نحن بحاجة إلى أشخاص أو لاعبين، وعلينا أن نحدد جيدًا نوعية اللاعبين المناسبين للنظام، أو فهم طبيعة شخصياتهم في حال تم تحديدهم سابقًا.
لذلك ينبغي أن نطرح على أنفسنا هذه الأسئلة للحصول على الإجابات التي تساعدنا على إتمام هذه الخطوة.
– من الذي سيستخدم النظام؟
– كيف سيستخدم النظام؟
– ما هي علاقته بالنظام؟
– كيف سيتم التفاعل مع النظام؟
– ما الذي يحفز هذا المستخدم (اللاعب)؟
ثم نقوم بتقسيم الأشخاص إلى شرائح بناء على نوع من الخصائص لكل شريحة حتى يتمكن الجميع من المشاركة.
رابعًا: تصميم دوران الأنشطة:
القصد هنا أن يكون هناك استمرارية أو استدامة في طريقة عمل النظام، فيتم تصميم أنشطة تعمل على تحفيز اللاعبين على القيام بأنشطة أخرى.
على سبيل المثال: يقوم أحدهم بالضغط على زر الإعجاب على صورة، يظهر هذا العمل على الحائط العام للمستخدمين؛ فيقوم واحد آخر بالتعليق على هذه الصورة، ويقوم الثالث بعمل مشاركة، وهكذا كما نشاهد في مواقع التواصل.
إحدى المفاهيم المتعلقة بهذه الخطوة هي حلقات الاندماج أو (Engagement Loops) وهي أحد أنواع عمليات دوران الأنشطة التي توضح ماذا سوف يفعل الأشخاص ولماذا وكيف سيستجيب لهم النظام.
يمكن اختصار فكرة حلقة الاندماج في هذه الصيغة: فعل >> تغذية راجعة >> فعل >> تغذية راجعة … إلخ
مثال على ذلك: الفوز >> كسب النقاط >> المزيد من اللعب >> مرحلة أعلى (فوز ثاني) >> كسب النقاط >> المزيد من اللعب >> مرحلة أعلى … إلخ
خامسًا: إدخال المرح والسرور:
ما فائدة اللعب دون الحصول على المتعة والمرح؟
في الأساس قد لا يقتنع الكثيرون بفكرة تقنيات الألعاب التحفيزية في العمل أو الدراسة بسبب كونهم لا يؤمنون بضرورة توفير المرح في بيئة التعلم أو العمل.
لهذا عند بنائك لنظام Gamification، هل النظام الذي أقوم ببنائه يوفر المتعة للمستخدمين أم لا؟
في الواقع هناك عدة أسئلة يجب أن تطرحها على نفسك عند قيامك بالـ 4 خطوات الأولى وهي:
– هل الأشخاص سيقومون بالمشاركة في النظام بشكل تطوعي؟
– إذا لم تكن هناك أي مكافآت أو جوائز خارجية، هل تتوقع مشاركة اللاعبين؟
إذا كانت الإجابة (لا)، عليك أن تعيد التفكير وتقوم بمراجعة نظامك قبل أن تستكمل العمل عليه.
بالحديث عن المتعة، هل تعرف ما هي أنواعها؟
هناك 4 أنواع من المتعة التي يمكن إدراجها في نظام اللعبة، وهي:
– المتعة الصعب Hard Fun: تنشأ نتيجة وجود التحديات والتخطيط والاستراتيجيات والإنجازات والفوز.
– المتعة السهلة Easy Fun: تنشأ نتيجة وجود الإبداع والفضول والاستكشاف والتجديد.
– المتعة الجماعية People Fun: تنشأ نتيجة المنافسة والتعاون والتفاعل مع الآخرين.
– المتعة الجدية Serious Fun: تنشأ نتيجة تغير تفكير الناس وسلوكهم إلى الأفضل أو إحداث فارق في العالم.
ويمكن أن نطلق على هذا النوع الأخير (العمل البطولي).
سادسًا: اختيار العناصر والتقنيات المناسبة:
الخطوة الأخيرة، وهي التطبيق، أي اختيار العناصر والتقنيات المناسبة لتحقيق الأهداف والأشخاص والشخصيات وحلقة الاندماج والنظام وكيف توفير تغذية راجعة مناسبة لهم.
هذه الخطوة أشبه باختيار الأدوات المناسبة لخبز كعكة بعد أن قمت بحساب المقادير وشرائها وتحديد النكهات المستخدمة لإثارة إعجاب المتذوقين.
كما نلاحظ فإن الخمس خطوات الأولى كانت تهتم بعلم النفس والهدف من عملية البناء، فالأهم هو الإنسان الذي سيقوم بالفعل، أما الأدوات التي نقوم بالتنفيذ من خلالها فهي كثيرة ومتنوعة وتختلف حسب طبيعة الموقف.
وهذا هو أكثر ما أثار إعجابي في هذه المرحلة وأكد لي تغيُّر تفكيري نظرتي إلى استخدام تقنيات الألعاب التحفيزية في مختلف المجالات.
في التدوينة القادمة الأخيرة سأقوم بكتابة تقييم شامل لتجربتي وكيف استطاع هذا المساق مساعدتي في فهم الكثير من الأمور فيما يتعلق بعملية التعلم وسيكولوجية التعليم في حياتنا.