لينكس على عجلة
توضيح قبل البدء، مرادف كلمة عجلة بالفصحى هي “دراجة”، أما عن معنى “لينكس” فدعني أثير إنتباهك بها لقراءة المقال.
أكتب في أحد المواقع المختصة بالتقنية، لدي إهتمام بهذا المجال والعاملين به من أصدقائي، بالإضافة لرغبتي في إكمال دراستي في هذا المجال أيضا، بحكم الكتابة أتابع آخر الأخبار والمستجدات الخاصة بالتقنية، تعرفت على أحد الأصدقاء الذين لديهم حلم وشغف كبير به لتحقيقه، “يحيى عبد القوي” شاب يسعى لنشر ثقافة البرمجيات مفتوحة المصدر، لمزيد من المعلومات عن هذا الأمر عليك البحث عزيزي القاريء لتفاجأ بإن هناك ثوارا أيضا في مجال البرمجيات يناضلون من أجل تحقيق حلمهم، ويحيى أحد هؤلاء الثوار، قرر يحيى السفر من شمال مصر لجنوبها على دراجته ليحل ضيفا على عدة محافظات في طريقه من أجل إعطاء تدريب في شكل محاضرات أو ورش عمل لشرح ثقافة البرمجيات مفتوحة المصدر أو ما يشتهر باسم Open Source.
حتى كتابة هذه السطور يحيى وصل في رحلته لمحافظة أسيوط في صعيد مصر، قررت الإستفادة من رحلة يحيى، وطلبت منه توفير هذا التدريب لطلابي في المدرسة، تحدثت مع المدير في هذا الشأن ووافق على منح طلبة المرحلة الإعدادية يوم كامل لهذا النشاط، في كل الصفوف الدراسية هناك ما يسمى بدرجات النشاط (10 درجات) لكل طالب يتم حسابها على أنشطته في المادة، النشاط منذ عهد تحتمس الأول وحتى عهدنا هذا في المدارس المصرية مقتصر على صنع لوحات سخيفة ومملة تمتلأ بها جدران الفصل لا ننظر إليها إلا في حال رغبتنا في الغش أثناء الإمتحان ( للأسف كان أغلب المدرسين يأتون باسئلة أجوبتها ليست على اللوحة )، وأحيانا كنا نستخدمها في الكتابة على أوراقها للعب.
لإجبار الطلاب على الحضور أخبرتهم أن الحضور عليه 10 درجات هم درجات النشاط، وفاجئني يحيى بقدوم “كريم سمرة” معه وهو شاب متخصص في مجال التسويق الإلكتروني ويشتهر بنجاحه وتميزه فيه، وعلى الصعيد الشخصي كنت أتمنى لقاءه ذات يوم وسعدت للغاية بهذه الفرصة المتاحة لي للتعرف عن قرب بشخصيات مميزة مثل يحيى وكريم، لماذا طلبت من يحيى الحضور؟
بصدق لم يكن من أجل تدريب اللينكس نفسه، ولكن من أجل توسيع مدارك طلابي وتعرفهم على تجربة مختلفة، فمحاضريهم يعملون في مجالات ومهن غير ما يخططون له جميعهم أو يخبرهم به أهلهم (اطلع دكتور – عايزك تبقى مهندس..)
في اليوم السابق للتدريب قمت بإخلاء غرفة الحساب الآلي (مكان المحاضرة) من جميع المقاعد المخصصة للطلبة، وتطوع لمساعدتي بكل الفخر 6 من طلابي (ندى طارق – شهاب شوقي – أحمد علي – أحمد مصطفى – محمد نبيل – عمر عبد القادر)، أذكر أسمائهم لا لتتذكروها عند تحقيقهم نجاح كبير في المستقبل، ولكن لإنهم قاموا بعمل كبير حقا يوم أن أمسكوا بالمقشات ونظفوا الغرفة لزملائهم ليجلسوا فيها في اليوم التالي، أحضرت “مريم محمود” ملاءات للجلوس عليها على الأرض، فقد أخترت إن يخرجوا عن المألوف في هذا اليوم، لا مقاعد دراسية ولا شروح على سبورة، لا معلم يسب طوال الوقت أو يضربهم، حتى المحاضرة، طلب يحيى منهم عدم الحضور في حال شعورهم بإن الأمر لا يفيدهم، وفوجئت بحضور فتاة من سني تقريبا لحضور التدريب مع الطلبة قد فاتها جزء من تدريب القاهرة الذي أجراه يحيى، “ندى” والتي تعمل كمعلمة لغة تركي، قامت في النهاية لتدرس لهم الأبجدية التركية، وأثنت على سرعة بديهتهم وتعلمهم وإنهم من أفضل الناس التي قامت بالتدريس لهم.
الدروس المستفادة ؟
التعليم حرية، لا يمكن لأحد إجبارك على تعلم شيء لا تحبه، ولن تبدع حقا إلا أن قمت بالعمل والدراسة فيما تحب.
كما تُمنح العلم، إعط في المقابل علما، “ندى” النموذج الأفضل لهذا الأمر، كلنا نتعلم جميعا من بعضنا البعض، مشاركة العلم هي الكنز الحقيقي لا الحرص على الإستحواذ على الدرجات والبخل بالمعلومات على أصدقائي كما تم تنشأتهم عليه طوال عمرهم.
المعرفة يجب أن تكون متاحة للجميع، والبرمجيات الحرة هي رائدة في هذا المبدأ وتسعى لنشره في نفوس جميع مستخدميها.
بقي أخيرا تعريف بسيط لقارء المقال، “ اللينكس “ هو نظام تشغيل شبيه بـ “ويندوز” و “ماك”، ولكن الفارق بإنه يمكنك التعديل فيه والتعلم من أكواده كما تشاء، لا قيود على طريقة إستخدامك له.
معلمة رياضيات للصف الأول والثاني إعدادي
مدرسة خاصة