ماذا تعلمت بعد 3 سنوات من التُخرج؟ -الجزء الأول-
مقدمة لابد منها
أقرأ كثيرًا مقالات تحمل عناوين مثل 10 نصائح للنجاح في عملك، 8 أسباب لتحقيق كفاءة أفضل في وظيفتك، 13 عادة تؤدي بك للفشل …. إلخ.
كما أعتقد أنه قابلني عدد لا بأس به من منشورات فيس بوك التي تحمل نصائح للشباب “الفاشل” الذي لا يسعى للعمل بجد ولا يرغب في تطوير نفسه وقدراته، بعضها قد يحمل اتهامات صحيحة، والآخر يحمل كمية من الغرور وتقدير مبالغ للذات والأعمال.
لذلك أرجو من قارئ السطور التالية عدم أخذها على محمل النصيحة أو محاولة مني في الحُكم على الأفراد، أو حتى يعتبرها قواعد عامة يمكن تطبيقها في حياته، فلكل منا تجربته الخاصة التي يعيشها بظروف معينة تؤدي به لاستنتاج بعض الأمور التي قد يتنازل عنها لاحقًا ويفقد إيمانه بها بعد خوضه تجربة جديدة، ومن الممكن أن يتعامل معها كـ دروس تساعده على إكمال رحلته وتحقيق هدفه المنشود.
ماذا تعلمت بعد 3 سنوات تخرُج؟
ألا أفقد أحلامي القديمة
الأحلام القديمة، الأدوار التي تقمصتها في صغري مع شقيقتي، عندما كنا نجمع القطع الالكترونية من الألعاب المحطمة لأننا في يوم سنخترع بها أشياء عظيمة.
ما هذه الأشياء على وجه التحديد؟ لا نعلم! لكننا سنخترعها.
شغفنا بالبحث والتنقيب في الأثاث القديم عن الكنوز التي ربما تكون مختفية في انتظارنا لنجدها، والدروس التي طالما تلقاها جارنا الأصغر سنًا على درجات السُلم ومحاولاتنا تعليمه الكتابة ونحن في الخامسة أو الرابعة بينما هو يصغرنا بسنة، لذلك يصبح الناتج في النهاية مجموعة من الأوراق التي تحمل رسوماً غريبة في سطور متتالية نعتقد أنا وأختي بأنها كتابة يجب تدريسها إلى ذلك الفتى المسكين الذي لا يستطيع إمساك القلم والتعبير مثلنا.
بعد سنين عديدة، لم نتوقف فيها عن البحث عن كل ما يثير اهتمامنا سواء بالسؤال والبحث عن الانترنت لمعرفة كافة التفاصيل، أيقنا في النهاية أن رحلة البحث عن الكنز ما هي إلا عادة وسلوك للبحث عن المعرفة المستمرة، وهو ما يُعد الكنز الحقيقي في نظري، وتحولت دروس السُلم لواقع عندما اكتشفت شغفي بالتدريس والتعليم بعد إنكار مني لهذه الحقيقة طوال سنوات الدراسة، أما مخلفات الحرب الضروس التي دارت بين الألعاب، والتي نجت منها بعض القطع المسكينة أظهرت لدي مدى شغفي بالبحث العلمي و مهارة تنظيم جيدة لمحاولة إيجاد حلول مستمر وبناء قطع بسيطة بالأدوات المتاحة لتنظيم الأمور وجعل الحياة أكثر سهولة، لم نصل بعد لمرحلة الاختراعات، ولكننا بكل تأكيد لم نفقد حبنا يومًا للعلوم ومحاولات تبسيطها وهو ما ظهر في مشروع “ليه” الذي قمت بالتعاون فيه مع أصدقائي ومجموعة من المتطوعين لكتابة مقالات علمية مُبسطة تشرح أسباب حدوث الأشياء.
أعيش حياتي كما هي
هناك هاجس ما يصيبنا بعض الوقت بضرورة العمل وعدم إهدار الوقت في أمور ثانوية كالطبخ و التنظيف و ترتيب الشقة والغسيل وحتى بعض زيارات الأهل والأقارب. في الحقيقة، لم يُفدني تجنب هذه الأفعال في بعض الأوقات في إنجاز أعمال أكثر، بالعكس، كان له تأثير سلبي على حالتي النفسية وشعوري بالفشل والتقصير طوال الوقت حتى تجاه أبسط المهام المنزلية والعائلية بجانب العمل.
تحمل المسؤولية ومحاولة الاستقلال الشخصي والمادي تضمن أيضًا تحمل مسؤولية مهام المنزل الذي أحيا به، سواء إن كان وحدي أو مع والدي، بالإضافة لأن طبيعة عملي التي تجعلني ملاصقة لشاشة الكمبيوتر والهاتف أغلب الوقت تصيبني بحالة من الإحساس بالعزلة عن البشر، هناك أمور كثيرة يمكنني فعلها بأدوات لا تتعلق نهائيًا بالكمبيوتر والهاتف تشغل وقتي وتمتعني وتمنحني تواصلاً أكثر مع الطبيعة والبشر، بالإضافة لأنها تحدد وقت العمل بشكل أفضل وتُجبرني على الالتزام بإنهاء مهامي في أوقاتها لاستكمال باقي المهام المنزلية (والتي لن يقوم بها أحد سواي! من يعيش معي لا يعمل في خدمتي!).
يجب أن أتعلم طوال الوقت
حسنًا، أعلم أنها قد تبدو نصيحة أو درس مستهلك لكنه واقعي للغاية، فعلًا يجب علي أن أتعلم طوال الوقت والكثير من الأمور في كثير من المجالات! والتي لا تقتصر على مجال عملي فقط، فمعرفتي العامة تُفيدني في تقييم بعض القرارات بشأن عملي، بجانب أنني لا أؤمن بالتخصص الذي يفرض على الإنسان سجن نفسه في مجال واحد دون التطرق للمعرفة والإضافة إن أمكن في المجالات الأخرى.
كم من دورة تعليمية أونلاين أهملتها؟
أكثر ما أندم عليه هو إهمالي الكثير من الدورات التعليمية الممتازة التي كانت ستفتح لي فرص عمل أعظم بكثير مما حصلت عليه ربما، وتقربني لحلمي بشكل أسرع، هذه الدورات هي كنز بحق، آسف على الوقت الذي أضعته دون الاستفادة منها، وآمل أن أحقق هدفي لهذا العام بدراسة عدد محدد في مجالات تهمني.
التحلي بالواقعية في تحقيق الأحلام
لا أؤمن بأن للأحلام حدود، ولكن لتحقيقها يجب أن أكون واقعية وأقيم الوضع الحالي جيدًا بنفسي وبمن أثق بهم، لكي أستخدم الأدوات المتاحة وأتعلم ما ينقصني وأعرف ما هي الخطوات اللازمة لأصل لما أريده، بالفعل لا بالكلام .
لا مزيد من مواقع التواصل الاجتماعي
لا أتواصل مع البشر عن طريق هذه المواقع، و لا أتعلم شيئا يستحق العناء من هذه المواقع، لا توجد فرص ضائعة، قد استخدم هذه المواقع في الاطلاع على مقتطفات الأخبار والأحداث بشكل سريع أو المرح مع أصدقائي لمدة قصيرة، لا توجد نقاشات جدية، آرائي السياسية والاجتماعية والدينية هامة بالنسبة إلي، وربما تُهم البعض، ولكن من يعرفني بحق يدرك هذه الآراء حتى قبل قولها، إن كنت أرغب في إظهار دعمي وتأييدي لموقف أو شخص أو رأي، لا أفعل ذلك ولكن دون الجلوس لمدة ساعات لمتابعة تطورات التعليقات والنقاش حول ما كتبته.