صوت المعلم

يسألونك عن الحب.. كلام الأفلام!

“يا ميس أنت عمرك  ما مريتي بتجربة من دول؟“… يسألني تلميذي عمر عن الحب.

اكتشفت بالحديث مع طلابي أن العديد منهم يقع تحت تأثير قصة حب عميقة، بعضها بدأ منذ سنوات وانتهي وتجدد الأمر مرة أخرى في هذا العام، جاؤوا ليسألوني ما العمل؟ هل يذهبون للبوح بما في صدورهم للفتيات؟ هل يجوز لهم الحديث مع الفتيات أم ستصبح جريمة بحقهم إن فعلوا هذا؟

ناقشت الأمر في الفصل مع الجميع وطرحت عليهم سؤال، ماذا لو جاء إلي ابني في مثل عمرهم وأخبرني بمشاعره تجاه فتاة في مدرسته، كيف يمكنني أن أتصرف معه؟

كانت الإجابات كالتالي :

1- لا أعلم

2- أساعده لكي يحقق حلمه

3- أضربه وأعنفه

4- أتناقش معه بهدوء، وأخبره عن طبيعه سنه التي لا تسمح له بالإرتباط.

الإجابة الأولى لا تحتاج للتعليق، أغلبهم امتنع حرجا منه التحدث في هذا الأمر، إما عن الإجابة الثانية فكان ردي بأن هذا ليس حلما ولا يمكنني مساعدته على تحقيقه، مشاعرهم وأفكارهم تتغير باستمرار في هذه المرحلة، وعقلياتهم أصغر من استيعاب معنى الإرتباط الرسمي ومسؤلياته وإلتزاماته، بالإضافة لإنه غير مناسب لسنهم، هم أطفال من حقهم إكتشاف العالم، وليس الوقوع في مشكلات الحب.

الإجابة الثالثة، ضحكت عند سماعها من أحد الطلاب الذي كان يبالغ في الحديث عنها بأداء تمثيلي من أجل إضفاء القليل من المرح، ولكنه في النهاية كان رأيه الحقيقي، اسمه فؤاد، وجهت حديثي إليه على وجه الأخص، أخبرته بإنه لا يمكنني فعل مثل هذا الأمر فأنا أرفض ضربهم أو سبهم في الفصل كيف يمكن أن أطبق مثل هذا الفعل خارجا؟ ومع ابني!

ضربه أو سبه أو السخرية من مشاعره وهو يبوح إلي بسر لديه سيجعله يخشاني، وكل ما يريد فعله مستقبلا وهو متردد بشأنه سيفعله من وراء ظهري خوفا من رد فعلي العنيف، لذلك الإجابة الرابعة هي أفضل رد فعل، النقاش والحديث معه ومحاولة إقناعه برأيي، ومن الأفضل له التعامل مع جميع صديقاته وزميلاته كأخوة له.

في حقيقة الأمر لا أرفض مشاعر الحب ولا أعتبرها جريمة يعاقب عليها القانون، ولكن هناك مشكلة دائمة مرتبطة في عقول العرب بإن الحب يعني التخلي عن الشرف، لماذا؟ لا أعلم!!

المهم عندي هي طريقة تناول هذا الأمر في العائلات، أخبرتهم بإن من لديه مشكلة في هذا الشأن عليه إخبار والديه وهم ينصحونه بأفضل حل، من الواضح أن أغلبهم كان يخشى مواجهه أهله، خاصة مع علمي بإن بعض أولياء الأمور حقا لا يولونهم أي إهتمام، كل ما يعنيهم هو حصول أبنائهم على أعلى الدرجات، لا يتحدثون، لا يتناقشون، هم واثقون بأن أبنائهم ليس لديهم مشاكل، ولا يمكنهم فعل أي أمر خاطيء.

سألتهم هل تشاهدون الكثير من الأفلام الرومانسية؟ كانت إجابتهم بنعم، هم يحبونها كثيرا بالإضافة لعدة أفلام ذات مستوى فني متدني منتشرة حاليا في مصر، الأمر واضح، هما أطفال في مرحلة المراهقة، مشاعرهم متضاربة، لا يمكنهم التفرقة بين مجرد الإعجاب الشخصيات الذي يحدث لنا جميعا، وبين مشاعر الحب الحقيقية، يتشوقون لتجربة كل جديد كما يشاهدون في الأفلام.

كنت قد قررت منذ بداية عملي بعقد ورش عمل في الصيف في مجالات مختلفة لتنمية مهاراتهم،  بالإضافة لتشجيعهم على القراءة ومشاهدة الأفلام التي تقدم أفكار مختلفة، والآن أصبحت أكثر حرصا على هذا الأمر، إن كان للأفلام هذا التأثير الشديد عليهم، فيجب أن نستغلها لصالح تثقيفهم وتوسيع مداركهم، لماذا لا يتم دمج الأفلام في المناهج التعليمية؟ 

نتركهم فريسة لأفكار مريبة ومريضة تبث في عقولهم طوال اليوم بدون رقابة ولا توجيه ولا حتى توضيح أو تحذير لما يتم عرضه لهم، وفي النهاية نغضب من النتيجة.

الدرس المستفاد، القصص الرومانسية، الحب، الأفلام، الأغاني، لا يمكننا منع صغارنا عنها، ولكن مشاركتنا لتجاربهم يخفف من أي تأثير سلبي منها على عقولهم وقلوبهم الصغيرة البريئة.

معلمة رياضيات للصف الأول والثاني إعدادي

مدرسة خاصة

آية عاشور

أؤمن أن التعلم هو رحلتنا الحياتية، نقضيها في فهم كيف يسير العالم من حولنا وكيف نساهم فيه، نكتشف ذاتنا باكتشاف معالمه. أحب الرياضيات والرياضة وعالم الأنمي، وأكتب باستمرار عن تجاربي التعليمية. “إن الأمل جهد عمل والجهد لا يضيع” .. أبطال الديجتال 😉
Back to top button